بعد شهر في أول رجوع لي لمصر بعد الثورة كنت ركبت حوالي ١٠ تاكاسي. كان أول مرة أرجع بعد تلات سنين متواصلين في كندا. حاولت في هذه الرحلة أتكلم شوية مع كل واحد علشان أعرف الشارع بيقول إيه. لاقيت إن كله طبعاً قالب عالاخوان ونصهم على درجة من الوعي وفاهمين اللي بيجري كويس. أخر أسبوع قلت أغير شوية وانزل حتة شعبية نسبياً وأحاول أسمع الناس.
اخترت يوم الجمعة بما إنه هادئ ركبت تاكسي واتجهت على شارع الوحدة في إمبابة. يومها كنت سامع عن مسيرات للاخوان في الهرم ومدينة نصر بس سكتنا احنا كانت فاضية، عدينا الكيت كات ووصلنا في حوالي عشر دقائق. واحنا داخلين لاقينا ست وولدين بيجروا علينا: ”إرجع إرجع، الاخوان قافلين الشارع و بيضربوا نار “.السواق كمل شوية كمان ولاقينا تكاتك وعربيات بتلف عكسي و جايا فوشنا: ”لف لف الاخوان لسة مموتين واحد.“ السواق ساعتها أم راكن على جنب وقالي مع نفسك بقي حضرتك أي تكتك يوصلك و يخرم من جوه. فكرت لحظة...طب أرجع واللا أدخل أشوف بنفسي؟ همم، لاقيت اني ديه فرصة يمكن ما تتعوضش قريب و قررت أكمل. سواق التاكس شافني غريب عن المنطقة فكثر خيره نزل وواقفلي تكتك، بس السواق كان مقلق والتاكسي لاغاه وقاله يخرم من جوه واقنعه.
ركبت وراه في التكتك والأدرينالين عندي ضارب فالعلالي، حاولنا نخرم من الشوارع الجانبية بس كان لازم نطلع تاني على شارع الوحدة علشان نوصل لأخره.
سرحت للحظه ساعتها... تخيل تاخد رصاصة طايشة وتموت وانت جاي تتفرج. بس الاحساس بالخطر كان ممتع وخرج الافكار اللي مالهاش لازمة من دماغي.
المهم خرجنا عالشارع والجدع قرر يمشي عكسي علشان يتفادي القلق اللي كان في طاريقنا. هو بجد كان ماشي في نص الطريق وكل اللي جاي فوشنا من تكاتك وعربيات كانت هي اللي لازم توسع. وبعد دقيقة واحدة وصلنا للزحمة اللي كانت علي يميننا قبل التوحيد والنور.
وخير اللهم اجعله خير، لقيت ٢٠-٣٠ ’ولد‘ عاملين دوشة وحواليهم ناس بتتفرج وتصور وبس كده ― أنا ماكنتش واخد الكاميرا مخصوص علشان أعرف اندمج من غير ما يبقي شكلي سايح. بس ولا كان فيه دم ولا جثث ولا نار حتي. قلت يمكن القلق خلص. دخلنا يمين مع نهاية الشارع ونزلت من التكتك. شربت عصير قصب الاول وبعدين رحت اعدت على قهوة في المنطقة وطلبت شاي.
وخير اللهم اجعله خير، لقيت ٢٠-٣٠ ’ولد‘ عاملين دوشة وحواليهم ناس بتتفرج وتصور وبس كده ― أنا ماكنتش واخد الكاميرا مخصوص علشان أعرف اندمج من غير ما يبقي شكلي سايح. بس ولا كان فيه دم ولا جثث ولا نار حتي. قلت يمكن القلق خلص. دخلنا يمين مع نهاية الشارع ونزلت من التكتك. شربت عصير قصب الاول وبعدين رحت اعدت على قهوة في المنطقة وطلبت شاي.
وقتها افتكرت جدي يحيي حسن الله يرحمه لما كان بيحكلنا عن شغله قبل الخارجية في القسم المخصوص تبع الداخلية أيام الملك لما كان بينزل يقعد على القهاوي علشان يسمع الناس بتقول إيه. القسم المخصوص ده قبل مباحث أمن الدولة، وكانوا ٦ ظباط مسؤلين عن القطر المصري كله. المهم اتكلمت مع كام واحد وعرفت إن اللي حصل ما كانش ضرب نار وإن ”الاخوان“ ما ماويتوش حد. حاسيبت وإتمشيت شوية وبعدها أخدت تاكسي علشان أروح.
السواق ده كان أصغر شوية، تقريباً في اواخر العشرينات. كان مشغل الراديوونفس التمثلية التركي والبرين-واشينج اللي عمال أسمعهم بقالي شهر فكل محطات التليفزيون (أنا ما باتفرجش عليه بس بخبط فيه وانا بازور أهلي وأقاربي) والراديو اللي بسمعه في التكاسي فقط.
صوت أجش بتاع أحمد سمير مذيع الثمانينات...
- جماعة الاخوان الارهابية تقتل ثلاث في مسيرة لهم مش عارف فين.
- جماعة الاخوان الارهابية تعطل الطرق مش عارف فين.
- جماعة الاخوان الارهابية أبصر إيه.
* فاصل إعلاني: نعم للدستور يعني الفلاح يعرف يشتري بذور. (ده بجد بجد مش هزار).
أنا: إنت واخد بالك إن ما بين كل ”جماعة الاخوان الارهابية“ و”جماعة الاخوان الارهابية“ لازم يبقي فيه ”جماعة الاخوان الارهابية“؟
هو: طبعاً يا بيه، ماهو لازم يخوفه الشعب وخصوصاً قبل الاستفتاء علشان كله يقول نعم.
أنا [مبسوط مالسواق]: عندك حق، ذي ما كان مشغلين الفزاعة الستين سنة اللي فاتت.
هو: عارف حضرتك هي بانت امتى أوي؟ بعد فرقعة المنصورة، ال إيه كاميره المراقبة تقطع ١٠ دقائق قبلها. وبعدين دي مديرية أمن مش محل كشري، عادي كدة تتفجر وناس تموت وبعدين يطلع يقولك أنصار بيت المقدس، فيلم هابط أوي والله.
أنا [فخور بالسواق]: هو فعلاً الموضوع إتكرر كتير وما يصدقوش أي عقل بيفكر شوية. بعدين بردوالناس مش عبيطة على فكرة وفاهمين اللي بيحصل كويس، هو شعب طيب آه إنما مش أهبل. شاف كتير وله تاريخ.
هو: لأ مش أهبل... ده شال حسني مبارك بجبروته في ١٨ يوم و مرسي في أربع أيام.
طب إيه موضوع المسيرة وضرب النار ده؟
رد بثقة: دول كانوا شوية شباب على كام شمروخ علي كام مسدس صوت.
أنا: أصل وانا داخل المنطقة من ساعة كان فيه ناس بتجري وعربيات راجعة عكسي و”ضرب نار“ و”الاخوان موتوا واحد“، ده حتي التاكسي سابني ومارضاش يدخل الشارع. هممم... أي إشاعات وخلاص. هو ده عيب الخوف بقي.
هو: حضرتك الخوف لو سيطر عليك يخليك مش عارف تتصرف. وعلى فكرة ،أنا قافل قنوات الراديو الحكومي ديه طول الاسبوع وبافتحها يوم الجمعة بس علشان أعرف هما بيقولوا إيه وبيفكروا ازاي. تصدق بقي أن أنا نفسي السيسي يكسب علشان يعرفوا إن المشكلة أكبر من كدة بكتير.
عفارم عليك يا نموذج المصري الواعي. هانزل هنا يا حبيبنا.
و دمتم مش خايفين :}
(١٥ يناير ٢٠١٤)
عرض أيضا
احذروا التقليد عند الشراء — ظاهرة الحشيش المخلوط في مصر
رحلة عبر التاريخ مع الدكتور عبدالفتاح البيطاش: واحة باريس وتفشي الملاريا في الأربعينات
الدكتور الذي بَرَعَ في إنقاذ حياتين سنة ١٩٥٦
Some Arabic Sayings and Their Translations — أمثال عربية و ترجمتها
Some Egyptian Arabic Expressions and Their Translations — مصطلحات مصرية و ترجمتها
Meet Alf عقبة [Video]
ظاهرة إستري نفسك و ريحيها
الخلافة الاسلامية
تحليل للمشهد المصري
No comments:
Post a Comment